في عام 2002م والزمان مسغبة قمت بزيارة احد زملائي في احدى مدارس الخرطوم الخاصة وصادفت زيارتي وجود صاحب المدرسة وهو رجل (شبعان)وقدم دعوة إلى اسرة المدرسة لحفل شاي يقيمه بمنزله تكريماً لهم بمناسبة النجاح الكبير الذى احرزته المدرسة العام الماضي ولما عرف إني معلم زائر دعاني ايضاً... خرجنا من المدرسة لتناول الغداء مع زميلي والذى كان يعاني من متلازمة (حضيري)وحظ دبور ولكنه يعالجها بالفكاهة وقد ساعده على تحمل كوارثه تلك زوجة صبورة قنوعة تعافر معه شظف العيش من أجل تربية اطفالهم...
مساءً كنا في الفيلا الأنيقة حيث كانت الطاولات قد نصبت وامتلأت بمختلف انواع الفواكه والمخبوزات والمعجنات (أظن الاسم ده بكون موجود في تلك المائدة)! ثم جاءت اباريق الشاي.. لاحظت ان صديقي اكتفي بالشاي فقط مع قطعة موز!!
بعد حفلة الشاي قام صاحب المدرسة خطيباً مشيداً بالجميع ثم اعلن بأن الدعوة اصلاً هي عشاء!!
صمت الجميع سروراً إلا صاحبي الذى احتج بأنه لم يخطر اسرته بأنه سيتأخر ولكن تم اسكاته!..عندها اقترح بأن يتم التعجيل بالعشاء فاخبره صاحب الدعوة بأن العشاء جاهز وتم احضاره من مطعم (....) احد أفخر مطاعم العاصمة! ظل صاحبي يطنطن وينقنق متبرماً وأنا في دهشة من أمره ثم انتقلنا إلى الصالون الرحب حيث مائدة العشاء... كان عشاء فاخراً وضع امام كل واحد صينية صغيرة من النيكل تعلوها دجاجة مع اصناف أخرى (مافي داعي لذكرها) المهم عرفت بعضها وعرفت الباقي بعد عدة سنوات!
لم يتناول صديقي من صينيته تلك إلا بضع لقمات من الأرز ولم (يهبش الدجاجة)!
بعد خروجنا من الفيلا ونحن في الطريق سألته عن سر عدم تناوله للعشاء وتركه لتلك الدجاجة السمينة الحمراء! فباغتني بإجابة صادمة قائلاً (تعرف يا استاذ علي أنا لو اكلت الجداد ده والسمك والحاجات دي قلبي بموت وتاني يتعوَّد آكل بره البيت.. إنت عارف إنو فى اللحظة دي أولادي هناك في البيت كل واحد قدامو كباية شاي وقطعة عيشة عشان يتعشو وامهم مرات مابتتعشى بتخلي لى عيشتا وكباية الشاي في الترمسة دايرني انا هنا آكل في الجداد والسمك مابقدر ياخ)!!
خلاصة الدرس دا انا من التاريخ داك (2002م) وحتى تاريخه 2022م طيلة العشرين سنة الماضية مادخلت مطعم واكلت سمك أو دجاج غير ثلاث مرات اثنين كانتا لاكرام ضيف والثالثة كنت مريضاً ومادخلت مطعماً قط إلا لتناول وجبة الفول!!
إذا كنت متزوجاً فأعلم إنو أى قرش تصرفه خارج المنزل على بطنك وملذاتك ولا يكون لعائلتك فيه نصيب فهو نوع من السفه يدل على عدم النضج وعدم تقدير للمسئولية!!
0 تعليقات
شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم