تدور أحداثها معا رجل يعمل حارث بالمقابر ولاكن تدور به الأحوال..
حتا اصبح يطلق عليه المثل..
(حاميها .. حراميها).
بين هدوء منتصف النهار بالمقابر حيث تندر الأصوات، كانت هناك أصوات أقدام تقترب أكثر فأكثر، وإذا بها تعلن عن وصول مجموعة من الرجال للمقبرة يتقدمهم أربعة يحملون نعشا، وكان أمامهم شخص آخر وقد بدا عليه أنه دليلهم.
ولازالوا يسيرون بالمقبرة حتى أشار دليلهم لقبر فأنزلوا النعش على الفور، وبينما هم أحدهم بفتح النعش لإخراج الميت لدفنه،
وكان حينها حارس المقبرة (الدليل) كان قد فتح القبر مسبقا، ولكنه لاحظ أمرا غريبا ومريبا بنفس الوقت، وهو كلما هم أحد الرجال بفتح النعش أغلق مجددا، شعر حارس المقبرة برعشة جرت على سائر جسده على الرغم من أنهم كانوا حينها بوضح النهار،
التفت إليهم بتعجب مما يجري، ولكنه وجدهم ذات قلوب باردة ونظرات شاخصة ولا يتحدثون بكلمة واحدة، لقد ارتعب من أمرهم أكثر، وكأن شيئا لا يحدث على الإطلاق.
اقترب وفتح النعش بنفسه قائلا للرجال في تهكم: “إلى متى سنظل هكذا، هيا بسرعة ساعداني في تنزيله للقبر”؛ وساعداه اثنان منهما، وبعدم أنزلاه القبر،
وما إن هما كلاهما بالخروج نظر الحارس لجثة الميت نظرة غريبة، وأيا ما كانت تحمله هذه النظرة أو ما تعنيه لكنها غير مطمئنة ولا مبشرة على الإطلاق.
وما إن خرج من القبر لم يجد هؤلاء الرجال، التفت يمينا ويسارا ولكنه لم يجدهم أيضا، وكأنهم تبخروا في الهواء؛ عاد لمنزله ومازال يتطلع بالطريق على أمل أن يجدهم، ولكنه لم يجدهم أيضا ففقد الأمل،
لقد كان منزله ليس بالبعيد، لقد كان الحارس وزوجته وأطفاله يسكنون بغرفة في مقدمة المقبرة، كان قد أعطي إياها حتى تتسنى له أكبر فرصة لرعاية وحماية المقبرة من اللصوص.
وما إن دخل الغرفة وقبل أن يغلق الباب ويوصده سمع صوت زوجته تسأله: “كم أعطوك من المال؟!”
ابتسم قائلا: “لم يعطوني شيئا، ما إن أنهيت عملي وخرجت إليهم فلم أجد منهم شخصا واحدا، لقد فروا هاربين حتى لا يعطوني أجري، ولكن دعكِ من هذا، فالميت سيدفع لي أجري بنفسه الليلة”.
صرخت زوجته في وجهه قائلة دون لوم: “ألن ترجع من هذه الطريق؟!، إلى متى ستستمر في طباعك هذه؟!، ألن ترجع إلا عندما تكوى في أبنائك؟!، أهل القرية يؤمنونك على أمواتهم من اللصوص فيما أنت تسرقهم بنفسك”.
أمسك بذراعها حتى أوجعها، وهمس في أذنها قائلا: “تتحدثين كثيرا وأنتِ لم تجزي الطعام بعد، هيا اذهبي وجهزيه في الحال”.
جلس في غرفته طويلا، وانتظر قبيل الفجر بدقائق معدودات، فتح باب الغرفة وأخذ معه المصباح لينير له الطريق، وسار بالمقبرة حتى وجد قبر الميت الجديد، فتح القرب وأمسك بالمصباح ونزل الدرجات،
وما إن دخل القبر شعر بنفس الرعشة التي سرت بسائر جسده، ولكنه تجاوزها ولم يفهم ما تعنيه إشارات جسده حيث بأنها تدق جرس ناقوس الخطر ولكنه تجاوز عن كل ذلك.
التفت للميت ونظر إليه بخباثة، وقام بفك الكفن من عليه وأخذه وترك الجثة عارية، وأخذ يقلبه يمينا ويسارا ويبحث في أصابعه عن شيء ليأخذه حيث جرت عليه العادة أكثر من مرة بأن وجد الكثير من هذه المصادفات التي سرت قلبه؛ ولكنه بهذه المرة لم يجد شيئا، وما إن وقف حتى انعكس شعاع المصباح على وجهه،
وقد كان بفعل سنة ذهبية بفم الميت، لقد كان بريقا لامعا وكأنه يجذبه تجاهها ليأخذه، و يا ليته لم يلبي نداء طمع نفسه؟!
أخرج من جيبه أداة حادة لمثل هذه المصادفات السارة، واقترب من الميت ليقتلع منه سنته، وبالفعل اقتلعها ولكنه رأى منه ما أرعبه، لقد كانت عيني الميت مفتوحة وتنظر إليه،
بث الخوف داخل قلبه ولكنه سرعان ما أقنع نفسه وطمئنا بأن مثل هذه الأمور تتكرر معه كثيرا، ولا داعي لكل هذا القلق، ولكن ما حدث بعدها….
يتبع.......
0 تعليقات
شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم